التاريخ القديم...

  من القرن (5) ق.م حتى نهاية القرن (2) ق.م تقريباً.


العرض التاريخي:

لا يزال تاريخ مملكة معين يشوبه بعض الغموض، نتيجةً لنقص المادة النقشية التي يمكن من خلالها تدوين

تاريخ مملكة معين. ومن خلال ما يعرف من نقوش يمكن القول أن مملكة معين ظهرت في حوالي نهاية القرن الخامس قبل الميلاد، ربما نتيجة لضعف أصاب مملكة سبأ، وتشكلت معين من اتحاد مدن الجوف التي كانت قبل خضوعها للسيطرة السبئية تمثل ممالك مستقلة، وبعد توحدها اتخذت مدينة قرناو عاصمة للمملكة الناشئة.

تدل النقوش على أن مملكة معين كان لها علاقات خاصة مع مملكة حضرموت، فقد كان الملك صادق إل يتلقب بلقب ملك حضرموت ومعين، ومن بعده تلقب ابنه الملك إل يفع يثع بن صادق إل بلقب ملك معين فقط، أما في عهد الملك إل يفع ريام بن إل يفع ريام فقد عاد إلى اللقب السابق ملك حضرموت ومعين.

في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد ازدهرت معين ازدهاراً كبيراً نتيجة لنشاط أهلها التجاري، حيث لعب المعينيون دور الوسيط التجاري بين الممالك اليمنية والعالم الخارجي، فقد كانوا يقودون قوافلهم المحملة بالبضائع النادرة وخاصة الطيوب التي انفرد اليمن بإنتاجها إلى مناطق العراق وبلاد الشام ومصر وبلاد اليونان، وتسهيلاً لنشاطهم التجاري أقاموا العديد من المحطات والأسواق على الطريق المعروف باسم طريق اللبان التجاري، والتي تحولت مع مرور الزمن إلى مدن وحواضر مزدهرة. كما أقام المعينيون عدة معابد لآلهتهم خارج أراضي مملكتهم سواء داخل اليمن أو خارجه، من تلك المعابد معبد في تمنع عاصمة قتبان وآخر في مدينة السوا (حاضرة المعافر) ومعبد في جزيرة ديلوس اليونانية.

مثل المعينييون الصلة الحضارية بين الممالك اليمنية وبين اليمن وبقية دول العالم، ومن خلالهم حدث التمازج بين الحضارة اليمنية القديمة والحضارات الأخرى. وقد انعكس نشاط المعينيين التجاري على مناطقهم، حيث أقاموا المعابد الضخمة لآلهتهم الرئيسة وهي الإله ( ود ) والإله (نكرح) والإله (عثتر) . وتميزت المعابد المعينية عن غيرها بترف الزخارف المنقوشة على أعمدة المعابد، ومثال ذلك أعمدة معبد الإله عثتر ذو رصفم. وشيد المعينيون الأسوار الضخمة حول مدنهم الرئيسية مثل سور مدينة يثل (براقش حالياً) التي كانت تمثل العاصمة الدينية لمملكة معين.

لم يعرف عن مملكة معين أنها دخلت في حرب توسعية ضد أي من الممالك الأخرى، ربما حفاظاً على مصالحها التجارية، ولا تزال ظروف اختفائها عن الساحة غامضة إلى اليوم، ومن المتوقع أن تكشف الأبحاث العلمية التي تجري حالياً في عدد من المواقع الأثرية  المعينية الكثير عن تاريخ المملكة، والتي اختفت في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد تقريباً.